التبرير بالإيمان أساس علاقتنا بالله
إن التبرير يعنى إعلان البراءة. اى انه بسبب الخطية قد وقع علينا العقاب والإدانة لكن بسبب موت المسيح المفترى لإجل خطايانا فقد تمت البراءه لنا.
*التبرير ليس هو :
(١)التبرير ليس بالأعمال
آمن أرسطو الفيلسوف الشهير، بأن الناس يمكن أن يصيروا صالحين أو أبرار بالممارسة. وقد أتفق الكثيرون معه. ويبدو أن الفريسين أيام المسيح قد وافقوا على رأى أرسطو.
إن اللذين يتبعون رأى أرسطو يمكن تصنيفهم على أنهم متدينون. ونحن نُعرَّف الدين هنا بأنه محاولة الوصول إلى الله. لكن الإنجيل يُعلَّم شيئاً مختلفاً تماماً.
وهنا نطرح الفرق بين الدين والإنجيل.
- الدين (الإنسان يريد الوصول إلى الله) – الانجيل (الله يريد الوصول إلى الإنسان)
- الدين اساسه (الأعمال) – الانجيل اساسه (النعمة)
- الدين وسيلته (الطاعة) – الانجيل وسيلته (الإيمان)
- الدين يقود الى (الدينونة) – الانجيل يقود الى (المحبة الغير مشروطة)
- الدين ينادى بالتغيير فيه عن طريق (المجهود الذاتى) – الانجيل ينادى بالتغيير فيه عن طريق (التغيير بقوة الروح القدس)
- الخلاصة بالنسبة للدين (الطاعة تقود إلى النعمة) – الخلاصة بالنسبة للانجيل (النعمة تقود إلى الطاعة)
(٢)التبرير ليس عَفٌواً من الخطية
إن اللذين يعتقدون أن التبرير ليس إلا مجرد عَفْو، يفشلون فى إدراك الثمن العظيم الذى دفع نيابة عنا، ويميلون إلى اعتبار خلاصهم أمراً مفروغاً منه. لكن تبريرنا صار بثمن عظيم، وأن هذا الثمن يحثنا لأن نعيش بالعرفان، لما فعله الله من أجلنا.
*التبرير هو :
(١)بر الله
إننا لم نحصل على تبرير الله، بناء على طاعتنا لناموس الله. لماذا؟ لا أحد منا يستطيع أن يتمم الناموس بالكامل. الإيمان هو الوسيلة التى نحصل بها على هذا التبرير. وموضوع هذا الإيمان، يجب أن يكون المسيح، لأنه الوحيد الذى مات بالنيابة عنا، ودفع ثمن الخطية. فقط هو الذى كان قادرًا على دفع ثمن كل خطايانا، لأنه هو ابن الله الكامل. وهذا يبيَّن حتمية الإيمان به، كما يقول بولس (إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ الله) (رومية ٢٣:٣).
إن التبرير الكامل يتطلب أن يُنسب لنا بر الله عندما نؤمن. أنها هبة مُقَدَّمة بفعل طبيعة الله الكريمة لا لأننا نستحقها. هبَة بكل ما تحمل الكلمة من معنى. ما كنّا لنستحقها أو نتوقعها، لكن نقبلها (مُتَبَرِّرِينَ مَجَّانًا بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ) (رومية ٢٤:٣).
(٢)التغيير العظيم
التبرير هو عمل نعمة الله المجانية، الذى من خلاله تتغير حياتنا تغييراً جذرياً. عندما نقترب كخطاة إلى الله بالتوبة والإيمان، فإن الله يأخذ ذنوبنا، ويضعها على المسيح. وليس ذلك فقط، بل أنه يأخذ البر الكامل الذى للمسيح ويعطيه للمؤمنين الجُدُد. فالتبرير يمكن تصويره بأنه تبديل سجل خطايانا بسجل البر الكامل الذى للمسيح.
*مسائل جوهرية عن التبرير والإيمان
(١)لا نقدر أن نبرر أنفسنا
عندما عرفنا أن التبرير هو نوال البر لا بأعمال الإنسان الصالحة بل كهبة بالإيمان بالمسيح، وأن الخطاة ينالونه بنعمة الله، وأن المسيح قد دفع ثمن هذا البر بموته على الصليب. فإن هذه الحقائق تشير إلى أن الإنسان ليس لديه شئ يفعله لينال هذا البر.
(٢)لا نستطيع أن ننسب المجد لأنفسنا فيما قد صنعه الله
لقد دفع المسيح حياته ثمناً لكل الذين ارتكبوا المعاصى. ويمكن لنا أن نثق أن الله يبررنا من أجل شخص المسيح. إن الثقة غير الكاملة فى أن موت المسيح على الصليب، يعتبر الأساس لغفراننا وشركتنا مع الله، يعتبر إهانة بالغة لله. أن الله لا يغفر لنا خطيئتنا من أجل تصرفاتنا الحسنة، أو من أجل عظمة توبتنا. أن الله قد غفر خطايانا وحده، لأنه بذل بمحبة المسيح ليموت على الصليب عوضاً عنا. لقد دفع المسيح ثمن خطيتنا، وأن ذبيحته الكفارية، هى التى أطلقتنا أحراراً من غضب الله.
(٣)يجب أن نثق فى الله ثقة كاملة
إن أولئك الذين يؤمنون بالدين، وبالتالى أن التبرير بالأعمال، يبنون علاقتهم بالله على أساس طاعتهم له. والمشكلة بعدئذ هى أن ضمائرهم توبخهم دائماً، وتخبرهم أنهم لا يطيعونه طاعة كاملة، من ثمَّ تستذنبهم أن ليس لديهم الحق ليؤمنوا أن الله يسهو عن خطاياهم، أو أنه قد يعفو عنها بدون عدل!! ويخلق هذا الأمر أزمة حقيقية تبدو فى هذا التناقض، إما أن يعتقدوا أنهم ليسوا أشراراً إلى هذا الحد، أو يعتقدون أنهم إذا فعلوا شيئاً يُسر الله، فإن الله سوف يعفو عن خطاياهم.
وهذا خطأ جسيم جداً، لأنه لا مشكلة فى محاولة إرضاء الله. لكن المشكلة أننا نميل إلى تأسيس علاقتنا مع الله على إنجازاتنا على الدين، بدلاً من الإنجيل. ومن هنا يجب أن نعرف أننا عندما نحوَّل ثقتنا فى الخلاص من عمل المسيح على الصليب، إلى طاعتنا وإنجازاتنا الشخصية، فإننا نقترف خطية حرجة يتوقف عليها مصيرنا. وليس ذلك فقط بل أن هذا التفكير الخاطئ، يمكن أن يمنعنا من رؤية حقيقية نفوسنا الخاطئة، أو نقع فى بئر اليأس والإحباط.